أخبار الاقتصاد

بالمستندات.. مصر تطلب نصف مليار دولار لشراء القمح

توجهت الحكومة المصرية بطلب نصف مليار دولار من البنك الدولي لتمويل مشروع دعم الأمن الغذائي والقدرة على الصمود في حالات الطوارئ، حيث يتمثل الهدف الإنمائي من هذا المشروع لضمان إمدادات القمح على المدى القصير من أجل الاستمرار في وصول الخبز وعدم انقطاعه عن الأسر الفقيرة، والعمل على تعزيز صمود البلاد لمواجهة الأزمة الغذائية.

وكشف الوثائق الرسمية التي تقدمت بها مصر للبنك الدولي إلى أن الحرب الأوكرانية تسببت في مخاطرة كبير على الأمن الغذائي في العالم بما في هذا ارتفاع معدلات التضخم الاقتصادي في العالم وتأثيره الملحوظ على أسعار المواد الغذائية الأساسية وارتفاع أسعار الأسمدة والوقود ومن المرجح أن يكون له تأثيرات واسعة على السلع والمناطق على مدى السنوات القليلة القادمة.

ويعد الاتحاد الروسي من كبير المصدرين للحبوب وخصوصًا القمح وزيوت الطعام، حيث يعد الاتحاد الروسي مع بيلاروسيا من أكبر مصدر الأسمدة الزراعية، والتوقف المفاجئ في الصادرات بالإضافة للسلع الأساسية إنتاج مزيد من الضغوط المباشرة على الأمن الغذائي في العالم، وخصوصًا الأمن الغذائي في الدول الفقيرة التي تعتمد على الاستيراد.

وتظهر الآثار الفورية على الأمن الغذائي بسبب الحرب الأوكرانية الروسية بشكل خاص على البلاد التي تعتمد بشكل كبير واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا.

وبحسب التصريحات التي جاءت في الوثائق الرسمية عن الطلب المصري فإن البلاد تعد من أكبر المستوردين للقمح في العالم، وتلقت صدمة كبرى بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، فهذا الأمر أثر على القمح الذي يعد سلعة أساسية في مصر يمثل نسبة 35% لـ 39% من استهلاك الفرد من السعرات الحرارية في المتوسط.

وتشير توقعات وزارة الزراعة بالولايات المتحدة الأمريكية في 28 مارس 2022 أن واردت مصر خلال عام 2022 ستنخفض بنسبة 8.3% أي حوالي مليون طن وهو ما يعادل استهلاك شهر كامل، كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية منذ عام 2020 بسبب اضطرابات سلسلة التوريد الناجمة عن فيروس كورونا، حيث بلغ متوسط سعر القمح 280 دولار للطن خلال الـ 5 اشهر الأولى من عام 2021، ثم وصلت لـ 317 دولار للطن مع حلول شهر نوفمبر من العام السابق 2021، ووصلت لما يقرب من 500 دولار أمريكي خلال شهر فبراير ومارس وأبريل 2022.

فارتفاع أسعار الوقود والغذاء لخلق مزيد من الضغوط الاقتصادية بفعل التضخم الاقتصادي وزيادة العبء المالي، وبالتالي ارتفاع الأسعار المحلية بشكل تدريجي، حيث ارتفع معدل التضخم لنسبة 8.8% خلال فبراير 2022، ثم سجل نسبة 10.5% خلال شهر مارس السابق، والتي تعد أعلى نسبة من المتوسطة البالغ 6% مع بداية العام المالي 2021/ 2022 بفعل التداعيات المبكرة للحرب الروسية الأوكرانية.

كما عمل خلق التضخم الاقتصادي المزيد من الضغوط على الدخل الحقيقي مما أثر بالسلب على خسائر الدخل المبلغ عنها بفعل جائحة كورونا وخصوصًا للنساء والعمال الغير رسميين.

تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الغذائي

من المتوقع ظهور تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على زيادة تكاليف الحبوب المستوردة الأخرى وزيادة تكاليف الخبز، فكلاهما من أجل الاستهلاك الآدمي، العلف الحيواني، والأسمدة والوقود التي تؤثر على الإنتاج الزراعي والمنازل.

ماذا فعلت مصر في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية؟

عملت الحكومة المصرية على تخفيف تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية من خلال التدابير الاقتصادي الكلية والسياسات الهيكلية، حيث سمح البنك المركزي بمزيد من المرنة على سعر صرف العملة المحلية “الجنيه” مما أدى لخفض سعر صرف بشكل مفاجئ مقابل الدولار بنسبة 16% لوقف زيادة عجز صافي الصادرات ورفع أسعار الفائدة 100 نقطة أساس للحد من التداعيات السلبية للتضخم الاقتصادي.

في نفس الوقت، أعلنت الحكومة على تخفيف اجتماعي من خلال حزمة مالية بقيمة 130 مليار جنيه مصري أي ما يعادل 1.6 من إجمالي الإنتاج المحلي للنسبة المالية الجديدة 2022/ 2023، للتخفيف الجزئي من تأثير ارتفاع الأسعار المصاحب، وتمت ترجمة كل تلك الإجراءات في العمل على زيادة أجور العالمين في القطاع العام، وزيادة المعاشات، والضرائب، وإضافة 450 ألف أسرة جديدة لبرامج تكافل وكرامة وإدخال الإصلاحات على برنامج دعم الخبز من خلال الإجراءات التالية:

  • تحديث مرافق تخزين القمح عبر تحديث وتوسيع الصوامع والعمل على تحسين إدارة تخزين القمح.
  • العمل على تحسين المستهدفين من منظومة السلعي من خلال معايير الاستبعاد الجديدة، التي تستند للحدود القصوى بالنسبة للدخل والضرائب والتأمينات الاجتماعية، وفواتير الهواتف المحمولة، ورسوم المدارس الخاصة، واستهلاك الكهرباء بالإضافة لعوامل أخرى.

جهود مصر لتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية

في إطار استكمال الحكومة المصرية بذل جهودها للعمل على تخفيف حدة الأزمات، فإن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود لدعم الأسر الفقيرة والمستهلكين والمنتجين الزراعيين، بالإضافة لعمل الحكومة على توسيع شبكات الأمان الاجتماعي لاستكمال تدابير معالجة اضطرابات سلاسل التوريد وتحسين كفاءة سلسلة قيمة القمح من ناحية العرض والاستجابة الفورية.

فمن الهام التركيز على القدرة التنافسية لنظام الأغذية الزراعية والاستدامة والشمول لضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل وسيتطلب هذا تقديم المزيد من الدعم للمزارعين والمنتجين لتحمل تكاليف الإنتاج المتزايدة.

ترتيب مصر بمؤشر الأمن الغذائي

تبعًا لمؤشر الأمن الغذائي العالمي، فإن مصر تأتي في المرتبة 62 من بين 113 دولة، وعلى الرغم من تنفيذ البلاد للسياسات المناصرة للفقراء، ألا أن انعدام الأمن الغذائي مازال مستمرًا، وهناك العديد من العوامل التي تؤثر على هذا الأمر، ومنها:

  • إمكانية الحصول على الغذاء وتحمل تكاليفها عن ذوي الدخل المنخفض.
  • تغير المناخ وآثاره المباشرة على كافة سلسلة الإمداد الغذائي والإنتاج الزراعي.
  • ارتفاع مستويات الهدر والفقد من الأغذية.

ومن أجل معالجة تلك القضايا، هناك حاجة لمجموعة من التدابير، للعمل على زيادة توافر الغذاء وزيادة القدرة على تحمل التكلفة، وتقليل الخسائر وبناء القدرة الإنتاجية لتعزيز صمود صغار المزارعين.

برنامج دعم الخبز بمصر

تبعًا للوثائق المرسلة للبنك الدولي بالطلب المصري، تم توضيح برنامج دعم الخبز، الذي يتضمن 9 مليون طن من القمح سنويًا، “أي حوالي نصف إجمالي استهلاك القمح بمصر”، وثلاثة أرباع واردات البلاد من القمح، حيث يتم طحن القمح لإنتاج دقيق استخلاص 82%.

وتنفق الحكومة ما يقرب من 3 مليار دولار سنويًا على واردات القمح، ويمكن أن تؤدي الاضطرابات الراهنة بسلاسل التوريد وما نجم عنها من زيادة في الأسعار لمضاعفة هذا المبلغ ليصل تقريبًا لـ 5.7 مليار دولار، ويحتمل لذلك أن يعطل برنامج دعم الخبز بمصر.

أزمة في الإنتاج وأسعار المحاصيل قريبًا

تدل البيانات عن التغيير المناخي بمصر تبعًا للبيانات الصادرة عن الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ “IPCC”، إلى أن التغيرات المناخية ستؤدي لانخفاضا 6% من إنتاج الأغذية الزراعية، وزيادة الأسعار بنسبة مئوية تصل لـ 19% بحلول عام 2050، وقد دعم هذا الدراسة الحديثة التي تم إجرائها من قبل المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، والتي توقعت انخفاض 10% في المحاصيل الغذائية بمصر وزيادة الأسعار بنسبة من 19% إلى نسبة 23% مع حلول عام 2050.

فقدان 30% من الإنتاج الزراعي بالدلتا مع حلول عام 2030

كما تنبأت الوثائق بفقدان الدلتا لنسبة 30% من إنتاجها الغذائي مع حلول عام 2030، بسبب التغييرات المناخية بما في هذا انخفاض إنتاجية المحاصيل، إلى جانب زيادة الطلب على المياه والمحاصيل الزراعية، وانخفاض كفاءة استخدام المياه، وزيادة الأمراض والآفات، إلى جانب الآثار السلبية للملوحة.

مشروع دعم الأمن الغذائي والقدرة على الصمود في حالات الطوارئ بمصر

يتكون مشروع دعم الأمن الغذائي والقدرة على الصمود في حالات الطوارئ على 3 مكونات تعمل على تحقيق التوازن بين الاستجابة قصيرة المدى، والقدرة على الصمود على المدى المتوسط لمواجهة الأزمة الغذائية.

  • المكون الأول، الاستجابة للطوارئ بـ 380 مليون دولار أمريكي، لمعالجة النقص في واردات القمح لتقليل الاضطرابات بدعم الخبز، وسيمول المكون المشتريات العامة بـ 700000 طن من القمح المستورد “ستعتمد الكمية النهائية على سعر السوق خلال وقت الشراء” من خلال عملية شراء مقبولة للبنك، والتي ستجريها الهيئة العامة للسلع التموينية “GASC” التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية “MOSIT”.
  • المكون الثاني، تعزيز الاستجابة للصدمات والتأهب بقيمة 117.5 مليون دولار، لتقليل خسائر القمح، والعمل على تحسين إنتاج الحبوب، وتعزيز المرونة على مستوى المزرعة، وزيادة القدرة على تحمل الصدمات، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التالي، زيادة سعة تخزين القمح بصوامع حديثة، وتمويل عمليات التطوير والبحث ونشر أصناف القمح الملائمة ذات الإنتاجية العالية، تجربة خدمات الإرشاد المناخية الذكية بفترات متأخرة، إلى جانب رفع مستوى النظام الوطني للإنذار المبكر للأرصاد الجوية الزراعية.
  • المكون الثالث، إدارة المشاريع وإدارة المعرفة بقيمة 2.5 مليون دولار، لإدارة المشروع من خلال التمويلات الإدارية بما في هذا التدقيق والمشتريات والرصد والتقييم والامتثال للمعايير البيئية والاجتماعية “ESF”، بما في هذا آلية مشاركة المواطنين وآلية معززة لمعالجة المظالم “GRM” والعمل على تحسين المخاطر، فهذا سيؤدي لتسهيل الحوار بشأن سياسات وإصلاحات الأمن الغذائي، والتعاون عبر الحدود حول أدوات إدارة المخاطر الإقليمية للزراعة الاستراتيجية السلع.

تطبيق المشروع

سيتم العمل على تنفيذ هذا المشروع من قبل وزارة التموين والتجارة الداخلية، المتمثلين في وحدة إدارة المشروع “PMU” المزودة بالخبراء من ذوي الصلة، وستكون الهيئة العامة للسلع التموينية هي الجهة المسؤولة عن شراء القمح في إطار المكون الأول من المشروع، كما أن تنفيذ الاستثمارات المكون 2.1 المتعلقة ببناء الصوامع الجديدة، والعمل على توسيع الصوامع القائمة حاليًا، التي تعد مسؤولية الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين “EHCSS”.

إقرأ أزمة جديدة.. الهند تحظر تصدير القمح بأثر فوري

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى