أخبار الاقتصاد

سوق الأسهم العالمي في التعثر الطويل مع تدهور التوقعات الاقتصادية وتشديد السياسة النقدية

شهدت العديد من الأصول الأساسية في البورصة العالمية والسندات وسوق الصرف الأجنبي العديد من عمليات البيع غير مسبوقة في الأسبوع الماضي، على خلفية زيادة البنوك المركزية أسعار الفائدة لدرء التضخم المرتفع.

وتصدر المشهد البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي أعلن عن رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في 21 سبتمبر، مما رفع النطاق المستهدف لسعر الفائدة الفيدرالية إلى ما بين 3.00% و 3.25% وهي الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، هذه هي المرة الخامسة التي يرفع فيها البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة هذا العام والمرة الثالثة على التوالي التي يرفع فيها أسعار الفائدة 75 نقطة أساس وهي أكبر زيادة في الأسعار منذ عام 1981.

استمرت الإشارات الجديدة على تشديد السياسة النقدية العالمية وتباطؤ النمو في إثارة مخاوف المستثمرين في الأسهم، ففي يوم الجمعه (23 سبتمبر) هبط مؤشر داو جونز بنحو 486.27 نقطة أو 1.6% مسجلًا أدنى مستوى إغلاق له منذ نوفمبر 2020، وهبط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 64.76 نقطة أو 1.7% ليحوم بالقرب من أدنى مستوى له في 2022 الذي سجله في منتصف يونيو، حيث أغلق حوالي 85% من أسهمه في المنطقة الحمراء، وتراجع مؤشر ناسداك 198.88 نقطة أو 1.8%، جميع المؤشرات الرئيسية الثلاثة سجلت ثاني تراجع أسبوعي على التوالي.

أداء مؤشر ستاندرد آند بورز

اعتبارًا من 16 سبتمبر 2022 فقد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 حوالي 18.2% منذ بداية العام حتى تاريخه، وبالمقارنة، انخفض مؤشر ناسداك المركب الثقيل في مجال التكنولوجيا بأكثر من 27% في نفس الفترة، بينما تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 15% لنفس الفترة أيضًا.

بين مارس 2020 ويناير 2022 غذت أسعار الفائدة المنخفضة للغاية ارتفاعًا صاروخيًا لمؤشرات الأسهم، حيث شهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ارتفاع بنحو 120% من ذروة الوباء المنخفضة عند 2191 نقطة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 4818 نقطة بحلول 3 يناير 2022.

لكن سرد عام 2022 قصة مختلفة، حيث أجبر التضخم المرتفع لعدة عقود البنك الاحتياطي الفيدرالي على إنهاء سياسته النقدية التيسيرية، وزاد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير من ضغوط التكلفة من خلال دفع أسعار الطاقة والسلع إلى الارتفاع.

في 17 يونيو انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى أدنى مستوى له في عام ونصف العام عند 3636 نقطة بعد أن رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس وهو أكبر ارتفاع له منذ عام 1994، ولكن تعافى المؤشر من أدنى مستوى له في يونيو ليكسب ما يصل إلى 18% بحلول منتصف أغسطس حيث أخذ البنك الاحتياطي الفيدرالي استراحة لمدة شهرين من اجتماعات السياسة النقدية.

ولكن عادت معنويات المستثمرين للتوتر مرة أخرى في سبتمبر بعد بيانات التضخم المخيبة للآمال، والتي دفعت البنك الاحتياطي إلى رفع أسعار الفائدة بما يصل إلى 75 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر، لتعود الأسواق للمنطقة الهابطة.

لا توجد علامة على أن التضخم يتحسن

بعد الإعلان عن قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن سعر الفائدة تعثرت أسواق تداول الأسهم والسندات والعملات الأجنبية العالمية، حيث سجل مؤشر ستاندرد آند بورز يوم الجمعة تقريبًا أدنى سعر إغلاق لهذا العام، وفي الوقت نفسه، ارتفع الدولار الأمريكي بقوة مقابل العملات الرئيسية الأخرى لأعلى مستوياته في 20 عام، وانخفض سعر صرف الين مقابل الدولار إلى ما دون مستوى 145 الأسبوع الماضي مما دفع السلطات اليابانية للتدخل في سوق الصرف الأجنبي مرة أخرى بعد انقطاع دام 24 عامًا، وانخفض الجنيه الإسترليني واليورو إلى مستويات منخفضة جديدة مقابل الدولار الأمريكي.

لقد أدى جنون رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الغربية بقيادة بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى عاصفة هائلة في الأسواق المالية العالمية، حتي الآن رفع البنك الاحتياطي أسعار الفائدة خمس مرات خلال العام، في 17 مارس بمقدار 25 نقطة أساس وفي 5 مايو بمقدار 50 نقطة أساس وفي 16 يونيو بواقع 75 نقطة أساس وفي 28 يوليو تم رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس وفي 21 سبتمبر تم رفعها بنحو 75 نقطة أساس.

فيما يتعلق ببيانات التضخم، وفقًا للبيانات التي كشف عنها المكتب الأمريكي لإحصاءات العمل في 13 سبتمبر، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي بنسبة 8.3% على أساس سنوي في أغسطس بأعلى من توقعات السوق البالغة 8.1%، بعد صدور بيانات التضخم توقع السوق قيام البنك الاحتياطي برفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في سبتمبر، وفي الوقت نفسه، كان هناك توقع برفعها بمقدار 100 نقطة أساس. 

وقد أثارت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأعلى من المتوقع عمليات بيع في الأصول الخطرة في جميع أنحاء العالم، بسبب مخاوف من أن البنك الاحتياطي قد يضطر إلى إطالة أمد سياسته النقدية المتشددة للغاية لقمع التضخم المستعر.

يعتقد الخبراء أن مشكلة بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكية في أغسطس ليست علامة على تفاقم التضخم، ولا توجد أي علامة على تحسن التضخم، بالإضافة إلى ذلك، صرحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي “كريستين لاجارد” أنه من أجل عدم السماح للتضخم المرتفع بالتأثير على السلوك الاقتصادي وتصبح مشكلة طويلة الأجل، سيواصل البنك المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة.

يشعر الاقتصاديون بالقلق من مخاطر الركود

تشير التوقعات الاقتصادية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الصادرة في الحادي والعشرين إلى أن معدل التضخم الأمريكي المقاس بنفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) سيصل إلى 5.4% في عام 2022 وينخفض ​​إلى 2.8% في عام 2023، وفقًا للتوقعات، سيكون نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي 0.2% فقط في 2022 و 1.2% في 2023، وبحلول نهاية عام 2022 سيصل معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 3.8% وسيرتفع إلى 4.4% في عام 2023.

وقال مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي سابقًا إنهم يسعون إلى “هبوط ناعم” للاقتصاد الأمريكي، والذي من شأنه أن يحد من التضخم عن طريق إبطاء النمو الاقتصادي ولكن ليس التسبب في ركود، ومع ذلك، يشعر الاقتصاديون بقلق متزايد من أن الزيادة الحادة في سعر الفائدة الفيدرالية بمرور الوقت ستؤدي إلى تسريح جماعي للشركات الأمريكية وزيادة البطالة والركود الكامل بحلول نهاية هذا العام أو أوائل العام المقبل، وعلقت وكالة أسوشيتد برس أيضًا في تقريرها أن الزيادات الحادة في أسعار الفائدة قد زادت من خطر وقوع الولايات المتحدة في الركود.

رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي: سوف يستمر في رفع أسعار الفائدة حتى يخف التضخم

قال رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” في مؤتمره الصحفي عقب اجتماع السياسة النقدية إنه من أجل إعادة معدل التضخم إلى 2% والحفاظ عليه مستقرًا، فسوف يلتزم برفع معدلات الفائدة، وقال إنه بناءً على السجل التاريخي لا يمكن تخفيف السياسة قبل الأوان.

وأضاف باول إنه لا يوجد مجال للرضا عن النفس في الولايات المتحدة، وبينما سيكون من المناسب إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة في مرحلة ما، فإن البنك الاحتياطي “سيبقى على حاله حتى تنتهي المهمة”، وقال باول إنه كان من المستحيل التنبؤ بما إذا كانت هذه العملية ستؤدي إلى الركود أم لا ومدى شدتها، ولكن سيعتمد ذلك على مدى سرعة هبوط الأجور والضغوط التضخمية وما إذا كانت التوقعات تظل مستقرة وما إذا كان بإمكاننا الحصول على المزيد من المعروض من العمالة، وأضاف أن “الهبوط الناعم” سيكون أقل احتمالا إذا احتاجت السياسة إلى مزيد من ضبط النفس لتحقيق هدف التضخم البالغ 2%، ومع ذلك، فإن التضخم المرتفع سيؤدي إلى مزيد من الألم على المدى الطويل.

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى