أخبار مصر

أسرار خطيرة عن «اغتيال السادات» في وثائق «بي بي سي»

حصلت شبكة BBC الإخبارية ، بمقتضى قانون حرية المعلومات ، على وثائق سرية بريطانية ، كشفت النقاب عن أن الرئيس المصري الراحل ، محمد أنور السادات ، كان ينوي التخلي عن رئاسة مصر بإرادته ، إلا أن واقعة اغتياله ، وضعت نهاية درامية للغاية لفترة حكمه .

الوثائق كشفت أيضا ، عن أن المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة ، وزير الدفاع آنذاك ، ضلل الأمريكيين بشأن مصير السادات ، بعد حادث المنصة الشهير ، الذي قتل فيه السادات ، وسط وزرائه وقادة جيشه ، في 6 أكتوبر من العام 1981 ، وحكم القضاء المصري آنذاك ، بالإعدام على متشددين ، بينهم عسكريون ، شاركوا في تخطيط وتنفيذ عملية الاغتيال .

وفي العام 2006 ، حكم القضاء المصري على طلعت السادات ، نجل شقيق الرئيس الراحل ، الذي توفي أواخر العام 2011 ، بالسجن « سنة » ، بعد أن وصف اغتيال عمه ، بأنه « مؤامرة دولية ، شارك فيها حرسه الخاص ، وقادة في القوات المسلحة » ، بعد أن حوكم أمام محكمة عسكرية ، بتهمة ترويج شائعات كاذبة ، وإهانة القوات المسلحة المصرية .

وبعد ثورة 25 يناير 2011 ، التي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ، اتهمت رقية ، ابنة الرئيس الراحل ، أنور السادات ، الرئيس الأسبق ، بالمسؤولية عن اغتيال والدها ، وقالت : « كان نائبه ، وكان المسؤول عن أمنه » .

وتحدث السادات أكثر من مرة ، في الشهور التي سبقت الحادث ، عن رغبته في التقاعد ، غير أن حديثه لم يُكن يؤخذ سياسيا وشعبيا ، على محمل الجد .

وفي تقرير مفصل بعث به إلى حكومته

وبعد 23 يوما من اغتيال السادات ، قال مايكل وير ، سفير بريطانيا في القاهرة ، آنذاك ، في تقرير مفصل أرسله إلى حكومته ، إن السادات كان جادا حين تحدث عن التنحي ، وتوقع أن يكون ذلك يوم استرداد مصر ، الجزء الباقي من أرض سيناء من إسرائيل ، في 25 أبريل من العام 1982 ، أي بعد نحو 7 أشهر من الاغتيال .

وقال السفير البريطاني في القاهرة : « أعتقد أنه ربما كان في ذهنه فعلا أن يتقاعد في ذلك التاريخ الرمزي ، وإن كان قد قُدر له أن يفعل ذلك ، لكان الشعور الشعبي تجاهه أعظم بكثير مما كان » .

وكانن وثائق بريطانية أخرى ، لفتت إلى وجود علاقة جيدة بين السفير والسادات ، حيث التقى وير ، الرئيس المصري الراحل ، قبل نحو 5 أشهر من حادث الاغتيال ، رفقة لورد بريطاني بارز ، كان يريد إقناع السادات ، بزيارة القدس مرة أخرى ، وحضر السفير و3 ملحقين عسكريين بريطانيين ، وزوجاتهم ، العرض العسكري الذي قتل فيه السادات .

وحسب رواية السفير ، كان يجلس مباشرة خلف المنصة الرئيسية ، التي كان يجلس عليها السادات ، ونائبه مبارك والمشير أبو غزالة ، وزاد أن السادات ومبارك ، ناقشا كيفية الاحتفال باستعادة الجزء الأخير من سيناء ، وهو الحدث كان المصريون يترقبونه بشدة .

وكانت أجهزة الأمن ، ألقت القبض بأمر من السادات ، على مئات من معارضيه السياسيين ، قبل أقل من شهر على اغتياله ، فيما عرف حينها باسم « اعتقالات سبتمبر » ، التي أثارت غضبا كبيرا في مصر . وهناك معلومات البريطانيين ، تؤكد أن هذه الاعتقالات كانت ، مدفوعة فيما يبدو بمخاوف أمنية .

السكرتير الخاص لوزير الخارجية ، تسلم بعد نحو 3 أسابيع من الاغتيال ، تقريرا ، وقال رئيس إدارة الشرق الأدني وشمال إفريقيا في الخارجية البريطانية : « يبدو واضحا أن قرار السادات شن حملته للتطهير في سبتمبر ، ساعدت في منع محاولات اغتيال سابقة » .

وتقرير وير ، الذي جاء في 19 صفحة ، سرد تفاصيل من مشهد الاغتيال ، موضحا أن إحدى القنبلتين الارتجاجيتين ، اللتين ألقاهما أحد المهاجمين ، أصابت وجه المشير أبو غزالة ، لكنها لم تنفجر ، لافتا إلى أن قائد سلاح البحرية « الفريق بحري محمد علي محمد أمين » ، تحلى بشجاعة استثنائية ، بعد أن ألقى بالكراسي على المهاجمين .

وقال السفير ، إن حراس السادات الشخصيين ، كانوا جميعا خلف المنصة وإلى جانبها ، وأنهم شاركوا في الرد بمسدساتهم على المهاجمين ، لكن من دون فائدة ، وهو الرد الذي استفز واحدا أو أكثر من المهاجمين ، فأطلقوا نيران بنادقهم على منصة الدبلوماسيين ، التي كانت قريبة من المنصة الرئيسية ، ما أدى إلى مقتل عضو في الوفد العماني ، وآخر في الوفد الصيني .

وزاد وير ، قائلا إن أبو غزالة ، اتصل بعد الحادث من مكتبه ، بالسفير الأمريكي ، ليبلغه أن الرئيس السادات أصيب إصابات طفيفة فقط ، وأن 3 من القتلة قبض عليهم ، وقتل 3 آخرون .

شبكة « سي بي إس » الأمريكية ، كانت أول جهة تعلن نقلا عن مصادر في مستشفى المعادي العسكري ، الذي نُقل إليه السادات بعد الهجوم ، مقتل الرئيس ، غير أن وير أضاف : « اتفقت مع السفير الأمريكي ، على أنه رغم الاستفسارات الملحة بشكل متزايد من جانب واشنطن ولندن ، لم نتمكن من تقديم رأي مستقل ، قبل صدور إعلان رسمي من الحكومة المصرية » .

وأشار وير في تقريره ، إلى أن زميله الأمريكي تعرض لحملة شرسة في صحيفة « واشنطن بوست » ، بعد أن أعلن سيناتور أمريكي أمام مجلس الشيوخ ، مقتل السادات ، وحينها ، وجهت اتهمت إلى السفارة في القاهرة ، بالتقصير ، وبأنها ليست على تواصل مع الحكومة ، أو تماس مع الرأي العام المصري .

وبعيدا عن مصير الرئيس الراحل ، محمد أنور السادات ، كان التساؤل الأهم آنذاك ، هو « من وراء العملية؟ » ، وظهرت تكهنات أولية ، بخصوص دور محتمل للجيش ، إلا أن المسؤولين في بريطانيا ، استبعدوا منذ البداية ، أي مسؤولية للجيش في اغتيال الرئيس الراحل .

إلى هذا ، أشار رئيس إدارة «رالشرق الأدني وشمال إفريقيا » في وزارة الخارجية البريطانية ، في تقرير إلى رؤسائه ، عقب عملية الاغتيال مباشرة ، إلى أنه « في ضوء الاعتقالات الأخيرة ، لا بد أن المتطرفين المسلمين هم المشتبه بهم الرئيسيون » .

وتوقع سفير المملكة المتحدة ، أنّه إذا كان قد أتيحت للرئيس الراحل محمد أنور للسادات ، فرصة تحقيق رغبته في مسألة التنحي ، بعد استعادة الجزء المحتل من سيناء ، فإن شعبيته كانت سترتفع بصورة كبيرة .

ووفقًا للوثائق التي نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية ، « بي بي سي » ، واستند التقييم إلى تقدير موقف أولي سريع ، كان قد أرسل به سفير بريطانيا في القاهرة إلى لندن ، بعد حادث الاغتيال مباشرة ، ذكر فيه « بشكل عام تعتبر مسألة وجود مؤامرة من داخل القوات المسلحة ، أحد أقل التهديدات للسادات احتمالا » .

وذكرت الوثائق ، أن التكهنات بشأن موقف الجيش ، كانت قد انتشرت ، بعد أن اتضح أن عددا من الضباط العاملين والسابقين ، شارك في عملية الاغتيال في أثناء الاحتفال .

والضباط هم : « خالد الإسلامبولي الضابط في سلاح المدفعية ، الذي كان شقيقه من بين المعتقلين في اعتقالات سبتمبر الشهيرة ، وعبود الزمر الضابط في إحدى الوحدات الفنية بإدارة المخابرات والاستطلاع في الجيش ، وحسين عباس القناص في الجيش وعطا طايل ، ضابط الاحتياط ، وعبد الحميد عبد السلام ، الضابط السابق في السلاح الجوي.

كانت وثائق بريطانية أخرى ، كانت قد لفتت إلى أن أجهزة أمنية ودبلوماسية بريطانية ، تنبأت باغتيال الرئيس المصري الراحل ، محمد أنور السادات ، قبل عملية اغتيال المنصة بعامين و7 أشهر .

وفي تقرير أعد في شهر فبراير من العام 1979 ، بشأن « الوضع السياسي الداخلي في مصر » ، أوضحت إدارة « الشرق الأدنى وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية » ، أن عملية الاغتيال هي أهم ما يهدد الرئيس السادات شخصيا ونظامه .

وبحسب وثائق « بي بي سي » ، رتب التقرير الأخطار التي تهدد السادات ، موضحا : « لأنه يهيمن على المشهد المصري ، فإن الرئيس السادات شخصية معرضة للخطر . إلا أن الاغتيال أو الأسباب الطبيعية أو الاستقالة ، وليس الثورة ، هي الوسائل الأكثر احتمالا لإزاحته عن المشهد » .

وفي أثناء بدء السلطات المصرية ، التحقيق في حادث اغتيال الرئيس السادات ، كانت سفارة بريطانيا « على اتصال » ، مع محققين شاركوا في استجواب المعتقلين ، كما تكشف الوثائق الجديدة لهيئة الإذاعة البريطانية .

وتذكر « أحاديثنا [السفارة البريطانية] مع هؤلاء المشاركين باستجواب هؤلاء المتطرفين- وليس فقط القتلة- ، تشير إلى أنهم كانوا مدفوعين بدرجة كبيرة بخيبة أمل من المجتمع ، وكذلك بغرض سياسي محدد » .

نظام الرئيس حسني مبارك ، الذي أطاحت به الثورة في 2011 ، قد ظل يرفض الإفراج عنهما لمدة 10 سنوات ، بعد قضائهما حكما بالسجن المؤبد ، لضلوعهما في اغتيال الرئيس السادات .

وتشير إلى أن هؤلاء ، « اعتقدوا أن المجتمع المصري ليس لديه ما يقدمه لهم ، وراودهم أمل بأنه بتدميره ، ربما يظهر شيء أفضل » .

ولفتت وثائق « بي بي سي » ، إلى ثمة تقصير يتعلق بعدم كفاية تدابير الأمن ، خصوصا المتعلق بالرئيس الراحل ، محمد أنور السادات ، خلال العرض العسكري .

ووفق الوثائق ، قال الملحقون العسكريون البريطانيون الثلاثة ، الذين حضروا العرض ، إنه « باستثناء عدد من الحراس الشخصيين في سيارة الرئيس ، وتفتيش دقيق لحقائب اليد ، مع دخول المنصة ، كانت هناك احتياطات أمنية واضحة قليلة » . وتابعوا : « ربما منعت تغطية أمنية أفضل ، الآثار الأسوأ للهجوم » .

وبشأن تأثير الحادث على القوات المسلحة المصرية في هذا التوقيت ، لفت التقرير بالتحديد إلى أن مديري أسلحة المدفعية والاستخبارات العسكرية ومرؤوسيهم ، « سوف يواجهون أسئلة بالغة الصعوبة ، يتعين أن يجيبوا عليها » .

وفضلا عن السادات ، فقد قتل في الحادث 7 آخرين. من بينهم كبير ياوران الرئيس ، وكان ضابطا برتبة لواء أركان حرب .

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى