عربي ودولي

بنود وثيقة مكة المكرمة التاريخية لإرساء قيم السلام والتعايش في العالم الإسلامي

تسلّم ملك المملكة العربية السعودية سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مساء أمس الأربعاء، “وثيقة مكة المكرمة” التي تم إقرارها من قبل 1200 عالم، وشخصية إسلامية بمختلف المذاهب والأطياف، بـ 139 دولة، مثّلوا في حوالي 27 مكون إسلامي بمختلف المذاهب والطوائف، من علماء، ومفكرين، ومُفتين.
تعد تلك الوثيقة بمثابة إقرار دستور تاريخي من أجل إرساء قيم التعايش بين أتباع الديانات، والثقافات، والمذاهب، والأعراق بدول العالم الإسلامي، وتعمل على تحقيق التوافق مع مكونات المجتمع الإنساني، تبعًا لما تم نقلته من قبل “وكالة الأنباء السعودية الرسمية واس”.

بنود وثيقة مكة المكرمة

وصدرت وثيقة مكة المكرمة، التي جاءت بها ما يقرب من 29 بندًا، عن فعاليات المؤتمر الدولي حول قيم الوسطية، والاعتدال، الذي نظمته “رابطة العالم الإسلامي”، الذي عقد فعاليته في المملكة العربية السعودية خلال الفترة السابقة.
أجمع المسلمون في وثيق مكة المكرمة التي أصدرها، مُمَثَّلِين بمرجعيتهم الدينية، أنهم جزء من هذا العالم بتفاعله الحضاري، يسعَون من أجل التواصل مع مكوناته من أجل العمل على تحقيق صالح البشرية، والعمل على تعزيز قيمها النبيلة، وبناء جسور المحبة، وتحقيق الوئام الإنساني، والتصدي إلى أي ممارسات ظلم، أو صدام حضاري، أو سلبيات الكراهية.
لا يُبْرِمُ شــأنَ الأمة الإسلامية، ويتحدَّثُ باسمها في أمرها الدينيّ، وكل ذي صلة به إلا علماؤها الراسخون بجمع كجمع مؤتمر تلك الوثيقة، وما امتازت به من بركة رحاب قبلتهم الجامعة، حيث أن العمل الديني، والعمل الإنساني المشترك الهادف إلى تحقيق المصلحة العامة يلزم أن يشارك الجميع دون إقصاء، أو عنصرية، أو تمييز إلى أتباع دين، أو لون، أو عرق.
البشر على اختلاف مكوناتهم ينتمون إلى أصل واحد، وهم متساوون في إنسانيتهم، رافضين العبارات، والشعارات العنصرية، والتنديد بدعاوى الاستعلاء البغيضة، إذ الاختلاف بين الأمم في معتقداتهم، وثقافاتهم، وطبائعهم، وطرائق تفكيرهم، يعد قَدَرٌ إلهي قضت به حكمة الله جل وعلا البالغة، والإقرارُ بتلك السُّنَّة الكونية والتعامل معها بمنطق العقل والحكمة بما يوصل إلى تحقيق الوئام، والسلام الإنساني خيرٌ من مكابرتها ومصادمتها.
التنوع الديني والثقافي بالمجتمعات الإنسانية لا يُبرر الصراع والصدام، بل يستدعي إقامة شراكة حضارية إيجابية، وتحقيق تواصل بشكل فعال، يجعل من التنوع جسراً إلى الحوار، والتفاهم، والتعاون إلى مصلحة الجميع، ويحفز على التنافس في خدمة الإنسان وإسعاده، والبحث عن المشتركات الجامعة، واستثمارها في بناء دولة المواطنة الشاملة، المبنية على القيم والعدل والحريات المشروعة، وتبادل الاحترام، ومحبة الخير للجميع، مع احترام تعدد الشرائع والمناهج، ورفض الربط بين الدين والممارسات السياسية الخاطئة لأي من المنتسبين إليه.
دعوة إلى الحوار الحضاري بصفته أفضل السبل إلى التفاهم السوي مع الآخر، والتعرف على المشتركات معه، وتجاوز معوقات التعايش، والتغلب على المشكلات ذات الصلة، إضافة إلى تجاوز الأحكام المسبقة المحمّلة بعداوات التاريخ التي صعدت من مجازفات الكراهية، ونظرية المؤامرة، والعمل على التعميم الخاطئ إلى شذوذات المواقف والتصرفات، مع التأكيد على أن التاريخ بذمة أصحابه، وبراءة الأديان، والفلسفات من مجازفات معتنقيها ومدعيها.
المطالبة بسن التشريعات الرادعة إلى مروجي الكراهية، وكذلك المحرضين على العنف، والإرهاب، والصدام الحضاري، وأكدت وثيقة مكة المكرمة أن ذلك كفيل بتجفيف مسببات الصراع الديني، والاثني، كما دانت الاعتداء على دور العبادة، معتبرة أن هذا الاعتداء يعد عمل إجرامي يتطلب الوقوف إزاءه بحزم تشريعي، وضمانات سياسية، وأمنية قوية، مع التصدي اللازم إلى الأفكار المتطرفة المحفزة عليه.
العمل على مكافحة الإرهاب، ومكافحة الظلم، ومكافحة القهر، ورفض استغلال مقدرات الشعوب، وانتهاك حقوق الإنسان، وشددت الوثيقة على أن ذلك واجب على الجميع من دون تمييز أو محاباة، إلى جانب حفظ الطبيعة التي سخرها الخالق جل وعلا إلى الإنسان، إذ الاعتداءُ على موارد الطبيعة وإهدارها، وتلويثها تجاوز للحق، واعتداء على حق الأجيال القادمة.
اعتبار أطروحة “الصراع الحضاري، والدعوة للصدام، والتخويف من الآخر”، مظهرا من مظاهر العزلة، والاستعلاء المتولد عن النزعة العنصرية، والهيمنة الثقافية بشكل سلبي، إلى جانب الدعوة إلى الانغلاق على الذات الذي يعمل على تجذير الكراهية، واستنبات العداء بين الأمم والشعوب، ويحول دون تحقيق مطلب العيش المشترك، والاندماج الوطني الإيجابي، وبخاصة في دول التنوع الديني والاثني، كما أنه في عداد المواد الأولية لصناعة العنف والإرهاب.
أكدت وثيقة مكة المكرمة أن ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، تعد وليدة إلى عدم المعرفة بحقيقة الإسلام، وإبداعه الحضاري، وغاياته السامية. وأن التعرف الحقيقي على الإسلام يستدعي الرؤية الموضوعية التي تتخلص من الأفكار المسبقة، من أجل تفهمه بتدبر أصوله، ومبادئه، لا بالتشبث بالشذوذات التي ارتكبها المنتحلون إلى اسم الإسلام، ومجازفات ينسبونها زوراً إلى شرائعه.
عدم التدخل في شؤون الدول مهما تكن ذرائعه المحمودة، فهو اختراق مرفوض، وخصوصًا في الأساليب الخاصة بالهيمنة السياسية، ومطامعها الاقتصادية وغيرها، أو العمل على تسويق الأفكار الطائفية، أو محاولة فرض الفتاوى على ظرفيتها المكانية، وأحوالها، وأعرافها الخاصة، إلا بمسوّغ رسمي إلى مصلحة راجحة.
أقرت الوثيقة مبادئ التمكين إلى مشروع المرأة، والإعلان عن رفض تهميش دور المرأ’، أو امتهان كرامتها، أو التقليل من شأنها، أو إعاقة فرصها في الشؤون الدينية، والشؤون العلمية، والشؤون السياسية والشؤون الاجتماعية أو غيرها، وفي تقلدها المراتب المستحقة من دون تمييز، والمساواة في الأجور والفرص، إضافة إلى العناية بالطفل صحياً، وتربوياً، وتعليمياً، وتعزيز هوية الشباب المسلم، بركائز خمسة، وهي: “الدين، والوطن، والثقافة، والتاريخ، واللغة”، وحماية المرأة من محاولات الإقصاء، أو الذوبان المتعمد، وغير المتعمد.
أقرا المزيد السلطات السعودية تحذر من أمطار رعدية على مكة

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى