في ظل موجة التضخم العالمية وتداعياتها الممتدة على الاقتصادات المحلية، شهدت مصر مع بداية ابريل 2025 قرارًا جديدًا من لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية برفع اسعار الوقود للمرة الثانية خلال عام واحد. هذا القرار ادى الى تحريك تعريفة المواصلات العامة والخاصة في عدد من المحافظات، وكان لمحافظة الاسكندرية نصيب كبير من هذه التغييرات، كونها من اكبر المدن الساحلية واكثرها ازدحامًا وتنوعًا في وسائل النقل.
الزيادة الاخيرة شملت رفع سعر البنزين 80 الى 13.75 جنيه، والبنزين 92 الى 15.25 جنيه، والبنزين 95 الى 17 جنيه، والسولار الذي تعتمد عليه اغلب وسائل النقل الجماعي ارتفع الى 13.50 جنيه للتر. هذا التحريك في الاسعار جاء نتيجة لتغيرات السوق العالمية وارتفاع تكاليف الاستيراد والدعم، مما دفع الحكومة الى تمرير جزء من العبء الى المستهلك النهائي.
وبشكل مباشر، انعكست هذه الزيادات على تكلفة التشغيل اليومية لسائقي سيارات الاجرة والنقل الجماعي، مما دفعهم الى المطالبة بإعادة النظر في تعريفة الركوب بما يضمن استمرارية الخدمة وتغطية التكاليف المتزايدة.
التعريفة الجديدة في الأسكندرية
اعتمدت محافظة الإسكندرية تعريفة الركوب الجديدة لسيارات الأجرة ووسائل النقل العام، حيث تراوحت الزيادة بين 10% و15%، مع مراعاة مسافة كل خط سير وعدد الرحلات، لضمان العدالة بين السائقين والركاب .
تفاصيل التعريفة الجديدة:
من محطة مصر إلى المنشية: 3.5 جنيها بدلاً من 3 جنيها.
من سيدي جابر إلى سموحة: 4 جنيها بدلاً من 3.5 جنيها.
من بحري إلى العصافرة: 8 جنيها بدلاً من 7 جنيها.
من العامرية إلى برج العرب: 18 جنيها بدلاً من 15 جنيها.
من الإسكندرية إلى القاهرة بسيارات الأجرة المكيفة: 103.5 جنيها.
شملت الزيادات كل وسائل النقل، لكن بتركيز واضح على الخطوط الرئيسية التي تعاني ازدحاماً مزمناً:
الترام (رمز المدينة التاريخي): ارتفع سعر التذكرة من 2 إلى 3 جنيهات للخطوط العادية، ومن 5 إلى 7 جنيهات للخط المكيف.
الميكروباص: زادت أسعار الرحلات داخل الأحياء من 5 إلى 8 جنيهات، بينما وصلت زيادات خط (الإسكندرية – برج العرب) إلى 35%.
التاكسي الجماعي: قفزت تعرفة الرحلات القصيرة من 10 إلى 15 جنيهاً.
أتوبيس النقل العام: شهدت بعض الخطوط زيادة بنسبة 20%، مثل خط (المندرة – محطة مصر) الذي ارتفع من 6 إلى 7.5 جنيه.
لكن اللافت هو إقرار تعريفة “ديناميكية” للسيارات التماس (التوك توك) لأول مرة، تربط السعر بمسافة الرحلة، ما أدى إلى زيادة تصل إلى 50% في المناطق النائية مثل أبو قير والعامرية.
إجراءات التنظيم والرقابة:
وجه محافظ الإسكندرية إدارة مشروع محطات الركاب والانتظار بنشر التعريفة الجديدة في المواقف والمحطات المختلفة وتعليقها في أماكن ظاهرة، وإلزام السائقين بوضع ملصقات بالتعريفة الجديدة لكل خط سير .
التنسيق مع المحافظات المجاورة:
تم تنسيق تعريفات خطوط السير لسيارات السرفيس الخارجية مع المحافظات المجاورة لضمان توحيد التعريفة وتجنب التفاوت في الأسعار بين المحافظات .
تأثيرات اقتصادية واجتماعية:
تأتي هذه التعديلات في إطار التوازن بين تغطية تكاليف التشغيل المتزايدة للسائقين والحفاظ على قدرة المواطنين على تحمل تكاليف النقل، مما يعكس التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدولة في ظل تقلبات أسعار الوقود.
تظهر محافظة الإسكندرية استجابة سريعة وفعالة للتغيرات في أسعار الوقود، من خلال تعديل تعريفة الركوب بما يضمن العدالة والشفافية، مع اتخاذ إجراءات رقابية صارمة لضمان الالتزام بالتعريفة الجديدة والحفاظ على حقوق المواطنين.
تبقى التحديات امام صانع القرار في الاسكندرية متعددة، اهمها الموازنة بين العدالة الاجتماعية وضبط التكاليف، خاصة في ظل التوقعات باستمرار ارتفاع اسعار الوقود عالميًا. كما تواجه المحافظة تحدي تطوير البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة خطوط السير لتقليل الاعتماد على وسائل النقل العشوائية.