امتياز القصر العيني هو مرحلة تدريبية حاسمة في حياة الأطباء الشباب الذين يخوضون تجربتهم العملية الأولى في مستشفى القصر العيني، أحد أعرق المستشفيات الجامعية في مصر. هذه المرحلة تتطلب منهم التواجد الدائم والانضباط العالي، حيث يلتزمون بساعات عمل طويلة تشمل حضور العيادات، متابعة المرضى، وحضور الاجتماعات العلمية. لكن في الآونة الأخيرة، اشتكى أطباء الامتياز من نظام البصمة الإلكتروني الذي فرضته إدارة المستشفى لتسجيل الحضور والانصراف، معتبرين أن هذا النظام أصبح عبئاً يعيق أداء مهامهم ويزيد من الضغوط عليهم دون فائدة حقيقية.
نظام البصمة الذي يعتمد على تسجيل دخول وخروج الأطباء بدقة شديدة، يفرض عليهم التواجد في أوقات محددة بدقة متناهية، مما يقلل من مرونة تحركهم داخل المستشفى وخارجه. هذا النظام لا يأخذ في الاعتبار طبيعة عمل الأطباء الامتياز الذي يتطلب أحياناً التنقل بين الأقسام أو البقاء لساعات إضافية لمعالجة حالات طارئة أو متابعة مرضى في العيادات الخارجية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتماد على البصمة يسبب مشاكل تقنية أحياناً تؤدي إلى تسجيل حضور أو انصراف خاطئ مما يترتب عليه عقوبات إدارية غير عادلة.
أطباء الامتياز يؤكدون أن نظام البصمة لا يعكس حقيقة الجهد المبذول منهم، فالكثير منهم يبذلون ساعات إضافية في العمل الفعلي، لكن لا يتم احتسابها بسبب محدودية النظام في تسجيل الوقت. كما يشيرون إلى أن النظام يركز على الحضور الجسدي فقط دون تقييم جودة العمل أو الإنجاز الطبي، مما يخلق حالة من الإحباط ويؤثر سلباً على معنوياتهم. علاوة على ذلك، فإن النظام لا يسمح لهم بالمرونة التي يحتاجونها في أوقات التدريب العملي، حيث قد يحتاج الطبيب إلى مغادرة مكان عمله مؤقتاً لأسباب طبية أو تعليمية أو حتى لأداء مهام إنسانية، وهو ما لا يسمح به نظام البصمة الصارم.
مطالب أطباء الامتياز تتلخص في إلغاء نظام البصمة أو تعديله ليأخذ بعين الاعتبار طبيعة عملهم وتقديم بدائل أكثر مرونة مثل نظام تقارير الحضور المبني على تقييم المشرفين أو اعتماد جداول عمل مرنة تسمح لهم بأداء مهامهم دون قيود صارمة. كما يطالبون بتوفير بيئة عمل أكثر دعماً تركز على تطوير مهاراتهم الطبية وتوفير فرص تدريبية حقيقية بدلاً من التركيز فقط على الحضور والانصراف الميكانيكي.
من جهة أخرى، إدارة المستشفى وجامعة القاهرة التي تشرف على تدريب أطباء الامتياز، تحاول إيجاد حلول وسطية لمشاكل النظام، حيث أصدرت قرارات لتحسين ظروف التدريب وتخفيف الضغوط على أطباء الامتياز، لكن لم يتم حتى الآن إلغاء نظام البصمة بشكل كامل. الإدارة ترى أن النظام ضروري لضبط الحضور والانضباط داخل المستشفى، لكنه يحتاج إلى تطوير ليصبح أكثر توافقاً مع متطلبات التدريب الطبي.
في النهاية، قضية نظام البصمة في مستشفى القصر العيني تعكس تحديات أكبر تواجه أطباء الامتياز في مصر، حيث يتصارع الأطباء الشباب بين متطلبات التدريب العملي الصارمة والضغوط الإدارية التي قد تعيق تطورهم المهني. الحلول المقترحة يجب أن توازن بين ضرورة الانضباط الإداري ومرونة العمل الطبي، لتوفير بيئة تدريبية مثالية تضمن تأهيل أطباء متميزين قادرين على خدمة المجتمع بكفاءة عالية.
هذا الصراع بين النظام الإداري واحتياجات التدريب الطبي في القصر العيني يستدعي اهتماماً أكبر من الجهات المعنية لضمان حقوق أطباء الامتياز وتحسين جودة التدريب، بما يعود بالنفع على الأطباء والمرضى على حد سواء.