أعلن رئيس الوزراء المصري أن الاقتصاد حقق متوسط نمو سنوي بلغ 4.3% خلال الأعوام الأربعة الماضية (2020–2023)، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. يُعتبر هذا المعدل تحسنًا ملحوظًا مقارنة بأداء السنوات السابقة التي شهدت تباطؤًا بسبب جائحة كوفيد-19، حيث تراوح النمو بين 3.6% و5.6% سنويًا. سجلت مصر أعلى معدل نمو في 2022 (6.6%) مدعومة بانتعاش قطاع السياحة وزيادة صادرات الغاز، بينما تأثر الأداء في 2023 بتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية. ورغم ذلك، يتجاوز هذا المعدل متوسط نمو الاقتصادات الناشئة (3.8% في 2023)، ما يعكس مرونة نسبية في مواجهة التحديات.
محركات النمو: قطاعات الطاقة والسياحة والتحول الرقمي
اعتمد النمو على تعافي قطاعات رئيسية، أبرزها الطاقة، حيث ساهمت صادرات الغاز الطبيعي المسال بنحو 8.5 مليار دولار في 2022، بزيادة 13% عن العام السابق، وفقًا لبيانات وزارة البترول. كما شهد قطاع السياحة انتعاشًا مع وصول 11.9 مليون سائح في 2023، مقارنة بـ 8.3 مليون في 2021. أما قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، فسجل نموًا بنسبة 16% سنويًا، مدفوعًا بزيادة استخدام الخدمات الرقمية والدفع الإلكتروني. بالإضافة إلى ذلك، حققت قناة السويس إيرادات قياسية بلغت 9.4 مليار دولار في 2023، بفضل زيادة رسوم العبور وتوسيع الممر الملاحي. هذه القطاعات مجتمعة شكلت نحو 45% من إجمالي الناتج المحلي.
الإصلاحات الحكومية: بين سياسات التقشف وتحفيز الاستثمار
دفعت الحكومة المصرية حزمة إصلاحات هيكلية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، منها:
تحرير سعر الصرف جزئيًا في 2022، مما أدى إلى خفض قيمة الجنيه بنسبة 50% أمام الدولار.
خفض الدعم عن الوقود والكهرباء، مع توجيه المدخرات لبرامج الحماية الاجتماعية.
خصخصة شركات قطاع الأعمال عبر طرح 32 شركة للبيع بحلول 2024، لجذب استثمارات أجنبية.
مشروعات البنية التحتية العملاقة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، التي استقطبت استثمارات بقيمة 58 مليار دولار.
ساهمت هذه السياسات في تعزيز ثقة مؤسسات التمويل الدولية، كصندوق النقد الذي وافق على قرض قيمته 3 مليارات دولار في 2022.
التحديات القائمة: تضخم وديون واختلالات هيكلية
رغم النمو الإيجابي، لا تزال مصر تواجه عقبات جسيمة، أبرزها:
ارتفاع التضخم إلى 33.7% في يوليو 2023، بسبب تحرير الجنيه وارتفاع أسعار الواردات.
تضخم الدين العام، الذي تجاوز 92.8% من الناتج المحلي في 2023، مع خدمة دين سنوية تصل إلى 42 مليار دولار.
نقص العملة الأجنبية، حيث تراجع الاحتياطي النقدي من 41 مليار دولار في 2020 إلى 34 مليار دولار في 2023.
اعتماد الاقتصاد على الاستيراد، خاصة الغذاء (نحو 60% من الاحتياجات) والسلع الصناعية، مما يزيد العجز التجاري.
الاستدامة المستقبلية: فرص التعزيز ومخاطر التراجع
لضمان استمرار النمو، تحتاج مصر إلى:
تنويع القاعدة الإنتاجية عبر تعزيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات.
جذب استثمارات أجنبية مباشرة في قطاعات غير تقليدية، مثل التكنولوجيا الخضراء والزراعة التعاقدية.
إدارة الدين العام عبر إعادة الهيكلة وزيادة الإيرادات الضريبية (لا تتجاوز 12% من الناتج حاليًا).
تعزيز التكامل الإقليمي مع أفريقيا والدول العربية لفتح أسواق جديدة للصادرات.
في المقابل، تظل المخاطر قائمة، مثل استمرار الحروب الجيوسياسية وتقلبات أسعار الطاقة، والتي قد تعيد الاقتصاد إلى مربع التباطؤ إذا لم تُدار بسياسات استباقية.